فيروزتي تناديكم
عندما تئنُّ النُّفوس… وتشتاق الأفئدة … فليس لها سوى
الدُّعاء والنَّجوى
إليكم يا شباب قريتي الخاوية… إليكم يا أبناء فيروزة في المهجر… وإلى كلِّ
مغتربي هذا الوطن الحبيب …ء
ملاحظة: هذه القصيدة تعبر عن وجهة نظر الشاعر
وأظلمت شمْسُها وافترَّ باغيها |
هجرتُم الدّار فاشتاقت ْ روابيها |
صرفَ الدّماءِ دموعاً من مآقيها |
وأمحلتْ مقلاتُ الحورِ مذ ذرفتْ |
صُبحا ًيقطِّر أرياً في خوابيها |
على شبابٍ شفاهُ الزَّهرِ تعشقُهم |
سكرى ، تهدهد أنغاماً قوافيها |
إن عانقتها الصّبا غنّت مفا تنهاً |
ولمّة(٢) اللَّيل شابت من لياليها |
ضياغم(١) الغاب منها أدبرت جزعاً |
جبَّارةً تملأ الدُّنيا أمانيها |
قد كنتُ ألمح في التَّشويد أذرعهم |
أوتار ُ داوود َ ألحاناً نغنِّيها |
تحوِّل الأرضَ جنَّات لها عزفت |
وقلبها قانعٌ من رزق باريها |
تعانق الطَّل َّ والجوناء(٣) نائمةٌ |
كجؤنة الطِّيْب تذكي من يدانيها | نفوسُها من رضى الَّرحمن مترعةٌ |
كف ٌّ من البرّ(٤) والزَّيتون يقريها | كأسٌ من الشَّاي يطفي الحرَّ ينعشها |
جفّت رباها وقلباً راح يبكيها | والآن أنظرُ من حولي أرى ترباً |
ولوزُها ذاهلٌ من هجر أهليها | أعنابها ناعسات الجفن ذابلةٌ |
فراح يندب حزناً في أماسيها | والطَّيرفي صبحهاعافَ الغناءَ جوىً |
بنشوةِ الزّهرِ تذكو في حواشيها | وخمرةُ الفجرِ ما عادت مضمّخةً |
راموا الجواهر همُّوا في مساعيها | لا زلتُ أذكر أحباباً لنا هجروا |
باعوا الدّيار وباعوا كلَّ من فيها | قد راعهم شغفٌ للمال أرّقهم |
على شبابٍ تمادوا في غوانيها | واستوطنوا في بلاد الغرب واأسفي |
واليومَ ما عادت الأحلام تكفيها | بالأمس كانوا على الآمال في دعةٍ |
أنباء موتٍ وأنباءً توازيها | في كل ِّ يومٍ نعاة يرسلون لنا |
في كل يومٍ مآسٍ سوف نحكيها | في كل ِّ يومٍ لنا درسٌ به عظةٌ |
في طيّها الخوف ، دمعٌ في لياليها | بئس الحياة حياةٌ لا أمان بها |
من كان يعبد في الدنيا لآليها | إنَّ القناعة كنزٌ ليس يدركه |
وهي الشَّقاوة إن عافت معانيها | فالنَّفس قيثارة الرَّحمن لو قنعت |
وقبلةٌ سلَّمت للصََّلب فاديها | تفاحةٌ أفقدتها الخلد َ من طمعٍٍ |
وطنّبَ الحزنُ في مهجات أهليها | عودوا إلى قريةٍ ضاعت مباهجها |
ثكلى وقد كادت الأرزاءُ تنهيها | باتت تعلِّل بالآمال أفئدةً |
فيروزتي" وليالي البؤس تطويها " | واليوم للأمل المرغوب ترقبه |
ويرقص المجد في الساحات ُيحييها | فهذه الأمُّ لن تقوى عزائمها |
فوق السَّماكينِ (٥) سوراً سوف يحميها | إلاّ بعودة زندٍ رافع ٍ أبداً |
يعيد في راحنا أفراحَ ماضيها | يعيدُ أعناب كرم أدّها عطشٌٌ |
يرقرق الماء صفواً في مجاريها | يعيدُ للرَّوضة الغنّاء زهوتها |
فتصدح الطيرُ في أعشاشها تيها | يعيد للزَّنبق المفؤود(٦) بسمته |
ويذرف الدَّمع عطراً في أوانيها | يغازلُ الزَّهر كالأطياف منتشياً |
ولوعة البعد ترمي نارها فيها | عودوا إليها فإنَّ الشوق مضطرمٌ |
تأميَن عيشتنا والرَّب كافيها | يكفي من المال إنَّ المالَ غايته |
قال المسيح :" إله العرش يقريها"ا | كما الطيور اللواتي من خلائقه |
عودوا إليَّا أنا للنفس باريها"ا | من بعد نوري فهذا الكون مهزلة" |
لن ينفع المال نفسا أو يداويها"ا | فحين آتي بيوم الحشر أفصلكم" |
جون عبد المسيح المحّو
ا(١) الضياغم: الأسود (٢) اللَّمة : شعر الرأس المجاور شحمة الأذن (٣) الجوناء : الشمس (٤) البر : حب القمح / وهنا كناية عن الخبز / (٥) السَّماكين: نجمان في السَّماء (٦) المفؤود: جريح الفؤاد
مصمم الموقع: سامر درغلّي
Website designed by: Samer Dorgalli
Dorgalli.com
2008/2009 © جميع الحقوق محفوظة
Copyright © 2008/2009
Dorgalli.com.
All Rights Reserved